Chapter 2

الفصل الثاني

الأحاديث النبوية

على العكس لمعظم الكتب التاريخية المكتوبة عن هذا الموضوع، لم يبدأ الإسلام في عام 570 ميلادية بمولد النبي محمد أو حتى مع دعوة الوحي ليكون نبياً ويخرج القرآن في عام 610 ميلادية. وبالنسبة للمسلمين، بدأ الدين الإسلامي مع آدم عليه السلام، واستمر مع كل نبي أرسله الله بهذه الرسالة منذ ذلك الحين. ويرجع ذلك بسبب أن كلمة الإسلام ليست عبارة عن عنوان لمجموعة دينية أو معتقد، فكلمة الإسلام مترجمة ببساطة من اللغة العربية ومعناها في اللغة العربية " التسليم"، وتعني أن تقديم حياة المرء إلى الله. وعندما تعيش في طاعة القوانين المنزلة من الله عن طريق أنبيائه، فهذا يعني أنك في تسليم ولذلك أصبحت مسلماً أو تترجم تقريبا بـ" المسلم"

طوال سنوات عملي في مختلف دول الشرق الأوسط وإجراء المناقشات مع العديد من المسلمين، طُلب مني عادة إذا ما كنت أسلمت أم لا، وبعبارة أخرى، من خلال تركيزي في الحياة لإتباع إله حقيقي واحد، وقمت بقبول الحقائق المنزلة الى جميع الأنبياء عبر العصور وصولا الى وختاما بالنبي محمد؟ ومن خلال التفكير في المعمودية وفي عهود المعبد وقوانين الإنجيل التي أحاول جهداً الالتزام بها في حياتي اليومية، فإن ردي كان دائما كان مدوياً بنعم. وإنني أعتبر نفسي أعيش الخضوع التام لإرادة الله، ولذلك، في المفهوم الإسلامي باسم "المؤمن الحق" (صدقوا)، وأحد أهل الكتاب الصالحين الذي يشير لهم القرآن الكريم.

وكأعضاء في كنيسة اليسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة، نؤمن نحن أيضاً بأن أبانا السماوي يعيد الحقائق من جديد في جميع التدابير من خلال أنبياءه، بأنه هو نفس الإنجيل، ولم يتغير في المحتوى والمبدأ منذ زمن آدم، وذلك بسبب أن الله والقوانين التي أوحى بها لا تتغير. ونحن نؤمن بأن جميع الحقائق معا تكون حقيقة واحدة متكاملة سواء أنزلت في أيامنا ووقتنا الحالي، أو تم تسجيلها منذ ما يزيد على 5000 عاما مضت. ويُعتبر الغرض من حياتنا هو نفس الغرض من حياة إخوتنا وأخواتنا المسلمين وهو الخضوع لإرادة الله، وأن نكون مطيعين لأوامره ونسعى جاهدين للعودة اليه للعيش في وجوده.

وحينما يأتي يوم القيامة، سوف يجلس جميع الصالحين من جميع الأجيال مع الأب إبراهيم، وموسى، وأنس الله، ونوح، وآدم، وكل نبي عاش على هذه الأرض. ولن يكون من المهم في أي فترة عاش أو المكان الذي عاش في أي من هؤلاء الأنبياء، أو اللغة التي تحدثوها أو النبي الذي أُرسل الينا. وسوف تكون حقيقة أننا قدمنا حياتنا لإرادة الله أثناء وجودنا على ظهر الأرض عاملاً حاسما ورابط مشترك الذي من شأنه إحضارنا جميعا كشخص واحد، وسوف يتم تصحيح أي قصور في المعرفة أو الفرائض والتناقضات في الحقيقة أو طريقة العبادة، وسوف نتمكن في النهاية من التوحد مرة ثانية كما كنا في البداية في علاقتنا الموجودة سابقاً كأطفال لأبانا الذي في السماء.

وفيما يتعلق بأجيال من الأنبياء المختلفين، والأوقات والأماكن، يذكر القرآن فيما لا يقل عن ستة مرات منفصلة على أن" وَلِكُلِّ أُمَّة رَسُول (سورة 10: 47)، و " لكل أجل كتاب" (سورة 13: 38)، وهذا حتى يتسنى لجميع ذرية الله أن يتمكنوا من سماع هذه الحقائق في زمانهم وبلغتهم فقد ورد في سورة 14: 4 "وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قومه لِيُبَيِّنَ لَهُم"

كما يحتوي كتاب المورمون على نفس المنطق" إن الرب يُيسر لكل أمة من أهلها وذوي لسانها من يعلم كلمته ويٌلقن بحكمته جميع ما يرتضيه لها؛ فنحن إذا نرى أن الرب يقضي في حكمة بالعدل وبالحق. (كتاب المورمون، ألما 29: 8).

وبإضافة الى ذلك، داخل كل مجموعة من الكتاب المقدس، يجعل الله من الواضح بأن الكتاب المقدس ليس الكتاب الوحيد الذي أوحى الله به، فقد كان هناك العديد من الأنبياء، نحن على علم ببعض منهم والبعض الآخر لم نسمع عنهم قبل ذلك. ويوجد في الإنجيل والقرآن وكتاب المورمون آيات مماثلة بخصوص هذه النقطة. "وَلِي خِرَافٌ أُخَرُ لَيْسَتْ مِنْ هَذِهِ الْحَظِيرَةِ يَنْبَغِي أَنْ آتِيَ بِتِلْكَ أَيْضاً فَتَسْمَعُ صَوْتِي وَتَكُونُ رَعِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَرَاعٍ وَاحِدٌ" (الإنجيل، جون 10: 16)، وفي القرآن ورد في (سورة 40: 78) "ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك" 

وورد في (كتاب المورمون، أهل نافي، 29: 10، 11)" فإن كان لكم كتاب فلا تظنوه منطوياً على جميع كلماتي؛ ولا تظنوني قد أحجمت عن تصيير غيره الى الكتابة (11)، فإني قد أوصيت جميع البشر في الشرق والغرب وفي الشمال والجنوب وفي جزائر البحر بأن يكتبوا ما أوجه إليهم من كلمات؛ لأني بما يُكتب من أسفار أدين العالم كل إنسان حسب عمله طبقا للمكتوب. ويذكر أيضاً كتاب المورمون المقدس نقطة هامة وهي أن الله سوف يحاسب كل مجموعة من الناس من خلال الكتاب المقدس الخاص بهم وكلمات النبي الخاص بهم.

وعلى الرغم من أن تعاليم الأنبياء من أي عصر تحتوي على نفس الحقائق الأساسية، فإن هناك العديد من آيات الوحي المحددة والقوانين التي تم إعطاؤها للمجموعات المعينة من الناس التي تعتمد على المواقف الخاصة بهم، ومدى التنوير الذي لديهم في السابق، وما هو كان مناسباً لهم ليعرفوه لكي يتقدموا "أمراً على أمر أعطي أبناء البشر، فرضا على فرض" (كتاب المورمون، نافي الثاني 28: 30). فإنه من المنطقي بعد ذلك أن كل نبي سوف يحاسب الناس التابعين لهم وفقا لكتب الوحي الموحى بها اليه ولا يتم ذلك عن طريق التنافس أو المقارنة مع الأشخاص أو الأنبياء الآخرين أو الازمان الأخرى. وسوف يتم محاسبة المورمون بواسطة الحقائق الواردة في الكتب المقدسة الخاصة بنا التي تلقيناها من المسيح وأولئك الذين نؤمن أنهم أنبياء. وسوف يتم محاسبة المسلمين بنفس الطريقة من طريق الكتب المقدسة التي تلقاها أنبيائهم.

وتذكر الكتب المقدسة لكنيسة قديسي الأيام الأخيرة الاثني عشر رسولاً الذي يحاسبون أسباط إسرائيل الاثني عشر1 والاثني عشر تلميذاً من نافي الذي يحاسبون أهل نافي.2 ويؤكد القرآن على هذه التعاليم أيضاً حيث ورد في (سورة 45: 28، 29) " وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ".

وسوف تكون كلمات النبي بمثابة معيار للناس في يوم القيامة، سواء آمن الناس بأن النبي هو من عند الله أم لا، وسواء سخروا من نبوته أو تجاهلوا تعاليمه أو حتى قتلوه، فسوف يكون الكلمة في النهاية سوف تكون للوحي الذي هبط من السماء.

ولذلك فماذا هو الدليل على أن محمد وموسى وجوزف سميث أو أي من هؤلاء الرسل تم إرسالهم بالفعل للتحدث بكلمات الله؟

الدليل الوحيد هو الكتب المقدسة في حد ذاتهاـ فحينما يوحي الله بكلماته إلى الأنبياء، فهو يتحدى أي شخص يشكك في هذا الكتاب بأن يأتي بكتاب مثله، ويمتلك كل من جوزف سميث والنبي محمد كتب وحي مماثلة التي تتضمن هذا التحدي. “وقد جاء في (كتاب المبادئ والعهود 67: 6، 8) "الآن، فتشوا كتاب الوصايا حتى عن أصغر رؤيا فيه ثم اختاروا الأكبر حكمة من بينكم. أو إن كان يوجد أحد بينكم يمكنه صنع وصية تشبهها إذن فلكم عذركم عندما تقولون إنكم لا تعرفون أنها صحيحة. ولكن إن لم يمكنكم صنه مثلها فستقعون تخت الدينونة ما لم تشهدوا أنها صحيحة".

وقد ورد في (سورة 52: 33، 34) "أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ، فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ" وفي حالة القرآن الكريم، فإن أسلوب واتساق اللغة وليس فقط المعنى والمحتوى يُعد جزءا من الاختبار، حيث تنتهي كل آية عربية بقافية كاملة، بحيث تحمل الكلمة المنطوق بها تأثير إضافي على القارئ والتي من الممكن أن وراء التكرار الممكن أو ابتكار الرجل.

والدليل الآخر يكمن في أن الله قال بأنه سوف يوحي بإرادته فقط عن طريق الأنبياء.3 وفي معظم الحالات، يوجد وسائل خاصة للنقل التي تصاحب الرسالة التي تسمح لها بالبقاء سليمة على حالها. وليس من المهم ما إذا كان تم استلام هذه الكلمات من خلال الرسل الملائكية، أو الأصوات أو الأحلام أو الرؤى أو الزيارات المباشرة. ولكن الأمر المهم هو أن كلمات الله تم استلامها بأي طريقة ليتم تسجيلها حرفيا حينما يتحدث الله. " يقول الله في (سورة 42: 51) " وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيم "

ويؤمن المسلون بأن النبي محمد تلقى القرآن حرفيا عن طريق الزيارات التي أتى بها الملك جبريل. ويؤمن المورمون بأن جوزف سميث تلقى المبادئ والعهود عن طريق كلمة الله مباشرة الى عقلة ومن خلال الزيارات المباشرة وأن كتاب أنبياء كتاب المورمون كان لديهم أحلام ورؤى وتحدثوا أو سجلوا الرسالات الخاصة بهم من خلال وحي الروح. وقد كان لدى الأنبياء في الكتاب المقدس نفس الخبرات ووسائل الوحي التي تلقوا من خلالها كلام الله الى لشعوبهم.

ويذكر القرآن بأن الله تحدث الى النبي موسى بطريقة مباشرة، ويذكر القرآن أيضا عن الشاهدين الحافظين لوحي القرآن ، فقد ورد في (سورة 4: 163-166) " إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إلى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وعيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا، وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ موسى تَكْلِيمًا، رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا، لَّٰكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وكفى بِاللَّهِ شَهِيدًا".

وبالإضافة إلى ذلك، لا يُميز الإسلام بين أنبياء الله، فلا يوجد بعض الأنبياء الذين هم أكثر تصديقا من غيرهم أو الذين تعتبر كلماتهم أكثر أهمية من غيرها، فيقول الله في القرآن الكريم في (سورة 4: 150، 151) " إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا، أولئك هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا"، ويقول الله عز وجل أيضا في (سورة 2: 136) "قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إلى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ موسى وعيسى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ".

وبالنسبة لطائفة المورمون، فهذا يسير جنباً الى جنب مع البند التاسع من بنود الإيمان4 فيها التي تذكر "نؤمن بكل ما كشفه الله وبما نكشفه الآن ونؤمن أيضاً أنه سيظل يكشف أموراً كثيرة عظيمة هامة تتعلق بملكوت الله" إلى أولاده من خلال أنبيائه. وهذا هو السبب أنه في كل أسبوع، يقضي أعضاء الكنيسة وقتاً في دراسة كلمات الأنبياء في فصول مدارس يوم الأحد، وفي كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة واجتماعات الكنيسة ذات الصلة (جمعية الإغاثة، والكهنوت، والشبان والشبات، والاكليريكية، والمعهد، وبرامج التعليم في الكنيسة، إلخ). ومن المهم معرفة وفهم جميع كلمات الله التي أرسلها إلى أولاده على الأرض، بصرف النظر عن المكان والزمان.

وربما تكون أحد أصعب التحديات التي تواجه كل الناس على الأرض في البحث عن الحقيقة الموحى بها هي إما نقوم نحن بقبول تعاليم الأنبياء الذين ليسوا في جيلنا أو الذين لا يتحدثون لغتنا. يتعين عليها قبول حقيقة أن الله يحب جميع أولاده بطريقة متساوية ولذلك يعطينا جميعاً الفرصة لمعرفته عظمته من خلال رسالات الخدم المختارين. فلا يوجد موقف السيادية فيما يتعلق بالكتب المقدسة.

أما وقد تم قول ذلك، فإنها تأخذ أيضا روح التمييز أثناء قراءة الكتابات الأخرى لفهم الاختلافات بين أوضاع ووصايا الثقافة المحددة المعنية فقط في هذا الوقت أو مجموعة الناس ومبادئ الحقيقة الصحيحة التي تهدف جميع أولئك الذين قد يقوموا بقراءة الكتابات في وقت ومكان في المستقبل، والمثال الجيد على ذلك هي الحالات الموجود في الإنجيل، وكتاب المورمون، والقرآن حينما يأمر الله بتدمير الناس أو السماح بنشوء الحروب وإراقة الدماء للدفاع عن الحقيقة. ويستخدم العديد من المتطرفين تلك النصوص الدينية كتبرير في أوقات الحروب أو الجهاد ضد الجماعات المختلفة من الناس في يومنا هذا. وعلى العكس من ذلك، فإن إزالة كلمات النبي بمجملها بسبب أنه ليس في وقتنا أو في مكاننا أو أننا لم نسمع عنه من قبل ليست سوى دليل على ضيق الأفق ويصبح خسارة كبيرة لنا في النهاية.

ولذلك، ماذا يعتقد المسلمون عن جوزف سميث كنبي وعلى العكس من ذلك، كيف ينظر المورمون الى النبي محمد؟

إن الموقف الذي يتخذه الإسلام تجاه جوزف سميث هو الى حد ما نفس الموقف الذي يتخذه أتباع كنيسة قديسي الأيام الأخيرة في قبولهم للنبي محمد باعتباره نبي والقرآن كجزء من الأعمال القياسية. ومن الجانب المسلم، ليست هناك مشكلة في التعرف على حقيقة أن الله يعمل من خلال الزيارات الملائكية من أجل تحقيق الأهداف المرجوة. ولدى جميع المسلمين شهادة قوية من الملائكة في قيامهم بدور الرسل الى الأنبياء من أجل إحضار كلمة الله. وتُعد زيارة الملاك موروني5 إلى جوزف سميث لإنزال كتاب المورمون أمر مماثل لزيارة النبي جبريل إلى محمد لنزول القرآن.6  

وتكمن عقبة القبول الكامل في الاعتقاد بين المسلمين بأن محمد هو النبي الأخير وليس هناك أي أنبياء بعده. ويتضح ذلك من الآية القرآنية في (سورة 33: 40) " مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ". وتنص (السورة 34: 28) " وَمَآ أَرسَلنَـٰكَ إِلَّا كآفة لِّلنَّاسِ بَشِيرا وَنَذِير" التي تفسر على أنها تعني أن التعاليم المحمدية هي الختام النهائي لتعاليم الأنبياء إلى البشرية.

وعبر السنوات، قمت بمناقشة هذا المبدأ عدة مرات مع أصدقائي وزملائي المسلمين وفي النهاية، كنا نتفق عادة على ألا نتفق. ومن وجهة نظري الخاصة بكنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة، نظراً للعديد من الآيات في القرآن التي وردت أعلاه بأن كل أمة لديها النبي الذي أرسل إليها، ولن يكون من المنطقي أن الله لم يعد يرسل أنبياء برسالته منذ عام 632 ميلادية. وبالإضافة إلى ذلك، لا يوجد في القرآن آية تنص بكلمات واضحة على أن محمد هو الرسول الخاتم الذي أرسله الله للعالم كافة. ومع ذلك، معظم طبعات القرآن الكريم المنشورة اليوم تحتوي على تعليق على هذه الآيات التي تشكل هذا التفسير على أنه متفق عليه من قبل علماء المسلمين. وكانت رسالة محمد هي أن يتم الحفاظ عليها حتى نهاية العام، والتي تم الوفاء بها حتى الآن، ومع ظهور الإنترنت والتكنولوجيا الحديثة، فإن ذلك من الممكن أن ينتشر في كافة الكرة الأرضية، ولذلك، فلماذا تكون هناك حاجة إلى مزيد من الأنبياء؟

ولكن من وجهة نظر كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة، فإن كل نبي من الأنبياء الرئيسين كان خاتماً للشريعة الخاصة به وللأنبياء الذين سبقوه للناس الذي أُرسل لهم. ومع ذلك، واصل الله في إرسال مزيد من الأنبياء بمزيد من الرسائل الإلهية مع مرور الوقت. وعلى الرغم من أنه يمكننا أن نوافق على أن تعاليم النبي محمد هي مرسلة للعالم أجمع بنفس الطريقة التي وصلت بها جميع الرسائل الإلهية عن طريق الرسل وألهمت القادة، علينا أن نشهد بأنه لا يزال يوجد أنبياء يعيشون إلى وقتنا هذا الذي يستمرون في استلام كلام الله لجميع الناس إلى الآن.

ويبقى التحدي الذي تركته مع أصدقائي المسلمين هو رؤية ما يعلمه جوزف سميث. يُعد الدليل على كلام النبي أيضاً بالتناسق مع تعاليم ومبادئ الوحي المرسل مسبقاً من خلال الأنبياء الآخرين. وكذلك، فإن عديد من الأنبياء قادرين على تحقيق المعجزات من خلال استخدام القوة الإلهية. ويؤمن المسلمون بالمعجزة الرئيسية المرسلة من الله إلى محمد وهي القرآن الكريم. وبالإضافة إلى ذلك، فليس من قبيل المصادفة بالنسبة لطائفة المورمون أن ترجمة كتاب المورمون من قبل جوزف سميث تشكل معجزة لأنها تمت أيضاً من خلال وسائل خارقة.

وما الذي يجب أن يفكر فيه قديسي الأيام الأخيرة في محمد صلى الله عليه وسلم؟ في الأيام الأولى للكنيسة، كان الإسلام موضوعاً للمناقشة من قبل الرسل الأوائل، وبتاريخ 23 سبتمبر 1855، قدَّم كلاً من إيلدرز بارلي بي برات، وجورج أيه سميث خطبتين عن الإسلام إلى القديسين في معرش في مدينة سالت ليك سيتي، يوتا. وقد تحدث إيلدر برات عن بداية الإسلام ودعوة محمد ليكون نبياً "الذي تربى بلا شك من قبل الله بغرض إخراج الناس من بلاء الوثنية"7.

ثم تابع إيلدر سميث ببيان رائع مازال ملائماً في عصرنا الحالي "إنني أدرك أنه لا يخلو من قدر كبير من التحيز أننا، كأوروبيين، وأمريكيين، ومسيحيين في الدين وفي تعليمنا، نظرنا إلى تاريخ محمد، أو حتى الاسم، وحتى الآن من الممكن أن نعتقد بأن المحمدية (الإسلام) مقارنة مع المسيحية على أنها توجد في العالم، هو نوع من الوثنية، أو شيء مروع، والآخر أن ننظر اليه على أنه شيء جميل جدا، ومن ناحيتي، أنا لا أعرف ماذا أدوا الجانب الوثني من السؤال، إلا إذا اعتبرنا المسيحية المحمدية، بمعنى ما، وتلك التي كان يطلق المسيحية، الوثنية"8.

استكمل إيلدر سميث حديثه بأن المقارنة مع فساد الإيمان المسيحي عبر الزمن، كان محمد على جانب الحقيقة في موضوع الألوهية والعبادة وأن الإسلام درس وأنشأ حقيقة الإله الحقيقي والحي9. وقد ناقش أيضاً عدم كمال الإنجيل كونه منزل بسبب تلك النعم التي تتعلق بالفرع الآخر من عائلة إبراهيم وأن"جميع الشعوب، يمكن أن تمتلك بدون مفاتيح البشارة الأبدية، وبدون العطايا والقوى التي تتعلق بتلك المفاتيح، وبدون ملء الإنجيل، شعوب الشرق التي أنعم الله عليها بـقدر ما يراه الرب مناسبا لينعم عليهم بهذه النعم أثناء العصور المظلمة "10.

وفي العصر الحديث، كشف قادة كنيستنا أيضًا على دعمهم التعاليم المستقيمة في الإسلام. ففي عام 1978، ذكر بيان الرئاسة الأول على وجه التحديد أن محمد يُعد واحدًا من كبار القادة الدينين في العالم "الذي حصل على جزء من نور الله. وتم إعطاءه الحقائق المعنوية من قبل الله لينير كل الأمم وتحقيق مستوى أعلى من الفهم للأفراد"11. في عام 1992، تمت قراءة بيان الرئاسة الأول "نظرًا لنمو الكنيسة في جميع أنحاء العالم، اتصل القديسون المعاصرون بشكل دائم ومتزايد مع أعضاء العقيدة الإسلامية. ووجدوا أن الإسلام يعلم الكثير من القيم الملهمة والنبيلة والتي تستحق كل احترام وتقدير"12.

وفيما يتعلق بمسألة ما إذا كان محمد نبي حقيقي أم لا. أثار جيمس مايفيلد هذه النقطة في مقاله "إسماعيل، أخونا"، موضحًا أنه بالرغم من "رفض الكثيرين لبعض تعاليم محمد لأنها تبدو غير مطابقة تمامًا مع تعاليم الإنجيل الأساسية. ومع ذلك، قد يوجد اختلافًا كبيرًا بين ما تعلمه محمد في القرن السابع وما يتعلمه المجتمع الإسلامي اليوم"13. وبطبيعة الحال، يؤكد المسلمون عدم وجود فرق بين ما يتم تعليمه اليوم وما كان يُعلم في القرن السابع، معتمدين على بقاء الحقائق سليمة وبدون تغيير. ومع ذلك، يقرون بالتباين في الممارسة الثقافية لإيمانهم في بلدان مختلفة وأن الأخطاء موجودة، بالرغم من إمكانية الوصول إلى الكثير من التعاليم الأصلية بسهولة لتصويب المفاهيم الخاطئة.

إن هذا التحدي هو نفس التحدي الذي قدمته لأصدقائي المسلمين، أقدمه اليوم لجميع القديسين المعاصرين، كذلك لمن يبحث عما هو أبعد من التفسيرات الحديثة وانحرافات الممارسة أو التعليقات العقائدية التي تحيط بالإسلام حتى تعاليم القرآن الأساسية ذاتها الذي هو كلمة الله بدون تغيير. وعلى افتراض أن تعاليم الإسلام تتماشي مع حقيقتنا المنزلة وتكمل تعاليم الكتب المقدسة الأخرى، فإن محمد مؤهل ليكون رسول الله في وقته. وعلى الرغم من وجود العديد من تعاليم القرآن الثقافية ومحددة الزمن، فإنها بأي حال من الأحوال تلغي مبادئ الإنجيل الصحيحة والحقيقية المتضمنة أيضًا. يقول الله تعالي في (سورة 35: 31) "والذي أوحينا إِلَيكَ مِنَ ٱلكِتَـٰبِ هُوَ ٱلحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَينَ يَدَيهِ إِنَّ ألله بعباده لَخَبِيرُ بَصِيرٌ".

النقطة الأخرى التي يتعين وضعها في الاعتبار أن تعريف كلمة "النبي" بالنسبة إلى المورمون والمسلمون صعبة جداً. ففي الإسلام، يُعرف النبي بأنه الشخص الذي يتسلم الوحي من الله لكي يقوم بنقله إلى الناس الذين يحيطونه ولكنه لا يتسلم كتاب وحي جديد، بل إنه يُحيي أو يُعيد الحقيقة التي كانت موجودة من قبل ولكن تم تزويرها، ويتم استخدام مصطلح " رسول" بشكل متكرر أكثر حين الإشارة إلى محمد ودوره. والرسول في الإسلام هو الشخص الذي لا يتسلم كتاب جديد للوحي، ولذلك، فإن كل رسول يُعد نبياً، ولكن ليس كل نبي رسول.14 وقد ذكر النبي محمد بأن هناك أكثر من 100,000 نبي مرسل من الله، ولكن منهم 315 فقط الذي تسلموا كتب الوحي.15

أما بالنسبة إلى قديسي الأيام الأخيرة، حيث نتحدث عن النبي اليوم، نشير إلى رجل تمت الدعوة إليه وتم ترسيمه من قبل الله، والذي يحمل مفاتيح الكهنوت وسلطة استعادة وحفظ مراسيم الإنجيل.16 بالإضافة إلى استلام الوحي للكنيسة والعالم، ويذكر بروس آر مكونكي في عقيدة المورمون على أن "النبي هو الشخص الذي يعرف عن طريق الوحي الشخصي من الروح القدس بأن عيسى هو ابن الله، "وأن شهادة اليسوع هو روح النبوة (الإنجيل، الوحي 18: 10)"17. وبشكل واضح بالنسبة لنا، فإن محمد لا يتناسب مع تعريف النبي على الإطلاق.

ومع ذلك، إذا نظرنا إلى تعريف ودور نبي العبرية من الكتاب المقدس، فقد يكون هناك مجالا أكبر للقبول. فقد تصرف بعض الأنبياء العبريين كأصوات محذرة ورسل بدلا من استعادة أو أداء مراسيم الكهنوت. (أو على الأقل ليس هناك أي ذكر لذلك في حسابات الكتاب المقدس). لم يمتلك جميع الأنبياء في الإنجيل ملكيصادق (أو أعلى) كهنوت أو كانوا قادرين على أداء كافة مراسيم الإنجيل التي بين أيدينا الآن.

ففي قواميس الكتاب المقدس الخاص بقديسي الأيام الأخيرة، فإن المدخل تحت كلمة النبي تنص على "إن عمل النبي العبري كان ليكون بمثابة رسول الله والتعريف بإرادة الله، وكان أيضا واجب النبي القيام بالتنديد بالسيئة والتكهن بالعقاب. وكان قبل كل شيء أن يكون مبشراً للصحيح. وعندما بعد الناس عن الإيمان الحقيقي في يهوه، كان على الأنبياء أن يحاولوا استعادة ذلك الدين وإزالة وجهات النظر الزائفة عن طبيعة الله وطبيعة الاشتراط الإلهي18. وفي أي مكان في مجمل التعريف الذي يذكر بأنه يجب على النبي أن يقوم بعقد الكهنوت أو إدارة المراسيم. ويوجد أيضاً الصيغة المؤنثة لكلمة، نبية، مثل في حالات ديبورا وميريام، وخلدة، وآنا. وبشكل واضح، فإنهم لم تعقدوا أي من الكهنوت أو تنفيذ المراسيم، وحتى الآن، فإنهم مخاطبون من قبل هذا العنوان، وعلى الرغم من أن التشابه بين النبي والنبية قد لا يكون مساويا تماما في المعنى.

وهنا، فإن محمد بالتأكيد يمكن وصفه بأنه نبي بمثابة صوت الإنذار، والمبشر بالطريق الصحيح ومحو وجهات النظر الخاطئة بخصوص تعدد الآلهة. وقد ذكر إيلدر أرسون إف وايتني، حين تحدثه في مؤتمر عام في الكنسية في عام 1921 قائلا "إن الله لا يستخدم فقط شعب العهد، ولكن الشعوب الأخرى أيضاً، من أجل إتمام الأعمال العجيبة والرائعة، وأيضا الشاقة للغاية لهذه القلة القليلة من القديسين من أجل أن يحقق خلالهم وبهم ، كل أعمار الرجال الذين يحملون سلطة الكهنوت المقدس، و البطاركة، والأنبياء، والرسل وآخرون رأسوا القداس باسم الرب، وقاموا بفعل الأشياء التي أراد الله منهم أن يفعلوها، وخارج عن ملة أنشطتهم، لم يتحمل الرجال العظماء والأخرون الكهنوت ولكن تم إرسال تملك عمق الفكر، والحكمة العظيمة، والرغبة في الارتقاء بزملائهم، تم إرسالها من قبل الله تعالى الى العديد من الشعوب، من أجل إعطائهم، وليس كمال الإنجيل، ولكن أن جزء من الحقيقة التي كانوا قادرين على استلامها واستخدامها بحكمة" 19.

كانت الناس المعاصرين لمحمد في حاجة ماسة إلى رسول من الله لكي ينتشلهم من أفكارهم الخاطئة وممارسات العبادة الخاصة بهم. وفي أثناء دعوته، كانت الجزيرة العربية قبل الإسلام مليئة بالمفاهيم الخاطئة عن الله، وكانت عبادة الأصنام منتشرة. على النحو الواضح في العصور التوراتية، عندما ضللوا الناس حتى الآن عن الحقيقة حتى لا يتعرفوا على وجود الله، فقد كان الله سريعا جداً في إرسال نبياً لهم من أجل إخراجهم من هذا الضلال. وقد كان العرب الذين عاشوا في أوائل القرن السابع في شبه الجزيرة العربية ليسوا استثناء.

في المنطقة التي تغطي مساحتها ما يقرب من مليون ميل مربع، عاشت العديد من المجتمعات القبلية على طول طريق البخور التجاري الرئيسي الذي يمتد بطول الحافة الغربية من شبة الجزيرة بين الطرف الجنوبي (اليمن) الآن، وصولاً إلى مكة المكرمة ومدينة معان. وينقسم هذا الطريق إلى طريقين، أحدها يتجه إلى شمال شرق (مصر وفلسطين) والآخر شمال غرب (سوريا).20 وقد كانت مكة من أهم المدن على طول الطريق، بسبب موقعها الجغرافي المتميز في منتصف هذا الطريق، ونظرًا لأنها كانت تتضمن واحدة من أكثر المزارات المقدسة، وهي الكعبة التي شيدها سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل بعد حادثة التضحية، وبالتالي أصبحت الكعبة مركزًا لعبادة كل الآلهة المختلفة من مختلف القبائل.21

وتتكون كلمة الله في اللغة العربية من مقطعين هما "ال" و"إله" وتعني الله.22 بالرغم من أن هذه الكلمة تعني ضمنًا وجود إله واحد فقط، وهو الله، ولا غيره، ولكن العرب قبل الإسلام كانوا لا يعتبرونه المصدر الرئيسي لعبادتهم. لأنهم كانوا يعشقون الكثير من الآلهة الأخرى الأقل في القيمة حيث إن كل إله له وظائف فردية اعتمادًا على قدرته في إيجاد حل للمشكلة المحددة. كان هناك إله لمعظم الحالات، وتصنع هذه الآلهة من الصخور أو الشجر وقد يكون بعضها على شكل تماثيل منحوتة. وكان الوثنيون من العرب يضعون أصنامهم في الكعبة، ويقدمونها كقرابين للآلهة يوميًا. ويعتقدون أن هذه الآلهة الأقل في القيمة ستكون أكثر منفعة بالنسبة لهم في تلبية احتياجاتهم المحددة بدلاً من الصلاة إلى الإله مثل الله.

 كانت قبيلة قريش من القبائل الحاكمة في مكة المكرمة خلال هذا الوقت. وكانت مهنتها الرئيسية تتمحور حول تقديم الخدمات لإرشاد وحماية القوافل التي كانت تمر بطول الطريق التجاري (بالتأكيد كانت تحصل على أموال هائلة من القافلة نظير تقديم هذه الخدمات على طول الطريق). وفي عام 570 ميلاديًا، ولد سيدنا محمد، على الصلاة والسلام، في قبيلة بني هاشم وهي جزء من قبيلة قريش. كان والده يدعى عبد الله وأمه أمينة. وللأسف توفى والده عندما بلغ "محمد" من العمر ست سنوات، فتربى عند جده عبد المطلب الذي كان قائدًا بارزًا في مكة.23

قيل إن جده كان يحبه كثيرًا، ويبقيه معه خلال اجتماعات العمل المهمة. وعندما سئل من أبناءه الآخرين لاستبعاده محمد من استمرار في طريق التجارة، أجاب جده قائلاً: "دعه لعله يكون كذلك، طفلي سيكون زعيمًا لشعبه"24. وبعد وفاة جده، انتقل محمد للعيش مع عمه أبو طالب الذي ساعد في تربيته كثيرًا.

بالنسبة لعائلته، تعلم محمد صلى الله عليه وسلم من أسرته طرق التجارة، وغالبًا ما سافر مع القوافل بين مكة وسوريا. وعندما بلغ من عمره منتصف العشرينات، كان يقوم بإدارة القوافل، وكان يعمل لصالح أرملة غنية اسمها خديجة والذي تزوج منها. واشتهر محمد بالنزاهة والحكمة، لذلك طلبت منه خديجة الزواج منه بسبب هاتين الخصلتين الكريمتين بالرغم من كبرها عنه في السن بحوالي 15 عامًا. كان الزواج سعيدًا ورائعًا وأثمر عن إنجاب أربعة بنات وولدين. وعاش الرسول محمد مع خديجة لمدة خمسة وعشرون عاماً ولم يتزوج امرأة أخرى إلا بعد وفاتها. وبخصوص خديجة، قال محمد عنها في وقت لاحقًا:"‏آمنت بي حين كفر بي الناس، وصدقتني حين كذبني الناس، وأشركتنى في مالها حين حرمني الناس، ورزقني الله ولدها وحرم ولد غيرها‏"25.

انزعج محمد مثل جوزف سميث بالتناقضات و"فتنة" وجهات النظر الدينية في عصره. فبجانب الآلهة الوثنية للكعبة والديانات الرئيسية الأخرى في ذلك الوقت، وهي المسيحية والزرادشتية واليهودية، كان هناك أيضًا مجموعة من الناس في مكة المكرمة، المعروفة باسم الحنفاء الذين رفضوا عبادة الأصنام وأقاموا معتقدهم الديني الخاص بهم. وكان لهم تأثير على تفكير محمد وكانت مربكة بالقدر نفسه. وكانت معتقدهم يعتمد حقيقة واحدة تم توضيحها قبل دعوته كنبي متمثلة في توحيد الله ورفض الوثنية كما أنه في السنوات الأولى كانت يقف ضد عبادة الصور أو الأصنام. وعندما سئل محمد في رواية ما بالتعبد باسم الآلهة الوثنية "اللات والعزى"، فأجاب: "لا تسألونني عن فعل أي شيء من أجل هذه الأصنام لأني أكرها كرهًا شديدًا".26

في عام 610 ميلادي، نزل الوحي علي محمد وهو في الأربعين من عمره. فلقد كان يتردد على غار حراء خارج مكة للتأمل والتفكر في المسائل الدينية في خشوع. وخلال شهر رمضان (حاليا يعتبر شهرا مقدساً في التقويم الإسلامي) تحدث الملاك جبريل إلى محمد قائلاً "اقرأ". فرد محمد عليه: "ماذا أقرأ؟". فرد الملك: "اقرأ باسم رَبِّكَ الذي خَلَقَ (١) خَلَقَ ٱلإِنسَـٰنَ مِن عَلَقٍ (٢) اقرأ وَرَبُّكَ الأكرم (٣) الذي عَلَّمَ بِٱلقَلَمِ (٤) عَلَّمَ ٱلإِنسَـٰنَ مَا لَم يَعلَم"27.

أسرع محمد إلى بيته لخديجة في حالة من الهيج والانفعال وروي لها ما حدث فواسته وقالت له لا داعي لأن يخاف فإن الله لن يخذله. وبعد فترة وجيزة من الوقت سمع صوت الملك مرة أخرى قائلا "أنت رسول الله، وأنا جبريل". فأسرع إلي خديجة مرة أخرى وطلب منها أن تغطية بعباءة لأنه كان مجهد. ثم سمع الصوت للمرة الثالثة قائلا: "يَا أَيُّهَا المدثر، قُم فَأَنذِر، وَرَبَّكَ فَكَبِّر، وَثِيَابَكَ فَطَهِّر، وَٱلرُّجزَ فَٱهجُر، وَلَا تَمنُن تَستَكثِرُ، وَلِرَبِّكَ فَٱصبِر"28. أدرك حينها محمد أن عليه مهمة ليؤديها وأنه رسول الله لأمته.

وخلال العشرين عاماً التالية تلقي وحي بشكل مستمر والذي يشكل القرآن كله عند تجميعه ويتضمن 114 سورة. ولم يدون هذه الآيات ولكن قرأها على الكتاب المهنيين التي كانت وظيفتهم حفظ القصائد أو القصص أو أي من الكلمات بالحرف. وكان هذا هو الأسلوب المتبع لحفظ السجلات والتاريخ في ذلك الوقت لأن اللغة العربية كانت في مراحلها الأولى كلغة أدبية. وفي وقت لاحق من حياته، كانت الآيات تكتب على أوراق الشجر، أو العظام، أو جلود الحيوانات، أو أي مواد التي يمكن الكتابة عليها بالحبر. وبعد وفاته تم جمع الآيات في إصدار مرخص الذي يعتقد المسلمون أنه قد تم الحفاظ عليها بعناية وأنه تم إعادة نسخها من غير تحريف خلال السنوات 1400 حتى الآن.

بالإضافة إلى الكشف عن كتاب المقدس والإعلان عن أنه لا إله إلا إله واحد، هناك أوجه تشابه بين بعثة محمد وبعثة جوزف سميث. حيث إن هناك آيات في القرآن الكريم التي تتحدث عن واجب الرسول محمد ليكون منذراً "وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ، إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ، لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ". (سورة 36: 2-6) "يَـٰٓأَيها ٱلنَّبِىُّ إِنَّآ أَرسَلنَـٰكَ شَـٰهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرا، وَدَاعِيًا إِلَى ٱللَّهِ بِإِذنِهِۦ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا" (سُورَةُ 33: 45: 46). تلك الآيات مماثلة لتلك التي أوردها جوزف سميث التي تقدم العهود والمواثيق في الجزء الأول. "ويسمع كل البشر صوت الإنذار بأفواه تلاميذي الذين أخترتهم في هذه الأيام الأخيرة " (كتاب المبادئ والعهود 1: 4)

كما توجد مقارنة أخري في الولادة المتواضعة وضعف المستوي التعليمي. بالنسبة لمحمد صلى الله عليه وسلم، ينص القرآن على: "قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحي ويميت فأمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون".  (سورة 7: 158) بينما يشير كتاب المورمون إلى جوزف سميث "بالأعزل من العلم". (كتاب المورمون، نافي الثاني 27: 19)

فكلاً من الرسول محمد وجوزف سميث لم يتخلوا عن مسؤولية كشف الحقائق المعلنة التي تلقوها. فعلي مدار ثلاثين عاماً، جاهد رسول الله محمد ووعظ في مكة ثم اضطر إلى تركها مع أصحابه بسبب الاضطهاد. وتعرضت حياته مرات إلى الخطر. كما أُجبر جوزف والقدسين الأوائل أيضاً إلى الهجرة بسبب معتقداتهم مراراً وتكراراً وفي النهاية قُتل جوزيف علي يد الغوغاء29.

مر عشرون عاماً بالكامل قبل أن يعود محمد منتصراً مع 10,000 من أتباعه لتحقيق مهمته أخيراً وتخليص أمته من الوثنية. فوقف أمام الكعبة في العاشر من رمضان في عام 630 ميلادية "وقف محمد أمام 360 صنم وأشار إليهم مع أصحابه قائلاً "ظهر الحق وزهق الباطل" وبناء على تلك الكلمات حطم أتباعه كل الآلهة والأصنام الموجودة بمكة"30.

وبعد مرور عامين في عام 632 ميلادية؛ مات محمد بعد أن أتم رسالته وترك خلفه مجتمع مزدهر حيث يستمر انتشار تعاليمه في المنطقة وفي العالم في النهاية. اليوم، يعتنق خُمس سكان العالم دينه ويستخدمون القرآن كتاباً إرشادياً لعيش الحياة. كما أن أحد الاختبارات الأخرى لأي حقيقة هو معرفة كيف أن تعاليمه لا يمكن أن يعفا عليها الزمن. كما أن جميع الأديان الرئيسية في العالم ظلت صامدة أمام اختبار الزمن في هذا الصدد بسبب كم الحقيقة التي يحتويها كل واحد منهم بما فيهم الإسلام.

من آثار بعثة محمد وتعاليمه على أمته، كتب أحد الباحثين المسلمين " أنه رسول الله في الأرض ولا بد أن تنتهي عبادة الأصنام في قبيلته وموطنه. كما يجب أن تطهر أمته الجديدة نفسها من الوثنية، والربا، والفواحش، وإدمان الخمور، والتفاخر القبلي وقبل كل شيء يجب أن يصبح مسلماً، أي يطيع الله وحده لا شريك له والذي سوف نبعث إليه يوم القيامة للحساب على أعمالنا"31. ويتطلب الأمر حقاً وجود رسول من الله لإحداث هذا التغيير الجذري بين عبدة الأصنام الوثنيين.

أنزل الله علي محمد "اليوم أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نعمتي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسلَـٰمَ دِينًا‌“ (سورة 5: 3). لذلك يجب على كل منا تقبل العقيدة التي كبر عليها وأن يستمر السعي إلى اكتشاف الحقيقة من جميع المصادر المتاحة التي تكمل معتقداتنا الصحيحة. كما صرح الرئيس جوزف اف سميث "إننا نؤمن بجميع المعتقدات بغض النظر عن مضمونها. كما ليس هناك مذهب طائفي أو ديني لديه مبدأ واحد من الحقيقة لا نقبلها أو نرفضها. ونحن على استعداد لتلقي الحقائق كلها أياً كان مصدرها الذي قد تأتي منه لتستمر وتدوم الحقيقة"32.

________________________

1 كتاب المبادئ والعهود 29: 12

2 كتاب المورمون، نافي الأول 12: 9، 10

3 الإنجيل، أموس 3: 7

4 تم كتابة بنود الإيمان في عام 1842 من قِبل جوزف سميث وتم طباعته في آخر معظم طبعات المبادئ والعهود. انظر الرابط

https://www.lds.org/scriptures/pgp/a-of-f/1?lang=eng من أجل استكمال باقي الثلاثة عشر بنداً.

5 الملاك المورموني الذي ظهر إلى جوزف سميث في عام 1823 وكشف موقع السجلات القديمة المكتوبة على الأطباق الذهبية التي تحتوي قصص شعوب كتاب المورمون والتي ترجمها جوزيف فيما بعد إلى اللغة الإنجليزية. انظر https://www.lds.org/scriptures/pgp/js-h/1.34?lang=eng#33

6 ظهر الملاك جبريل إلى النبي محمد وتلا عليه آيات القرآن على مدار 22 عاماً. وحفظ محمد آيات القرآن شفهياً وقرأها على أتباعه الذين قاموا أيضاً بحفظها، وبعد ذلك تم تجميعها إلى قرآن مكتوب.

7 بريجهام يونج، جورنال أوف ديسكورسيز، 1888 (طبعة 2006) مجلد 3، ص. 30، 32.

8 المجلد نفسه، مجلد 3، ص. 38

9 المجلد نفسه، مجلد 3، ص. 38-39

10 المجلد نفسه، مجلد 3، ص. 40

11 بيان الرئيس الأول لكنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة، 15 فبراير 1978.

12 بيان الرئيس الأول المنشور في نشرة أخبار الكنيسة، 4 أبريل 1992.

13 جيمس مايفيلد. "إسماعيل، أخونا"، الراية، يونيو 1979، ص. 30.

14 حموده عبد العاطي. الإسلام تحت المجهر، الندوة العالمية للشباب الإسلامي، 2000.

15 الحديث كما رواه أحمد بن حنبل في المسند، 5، 169.

16 "مفاتيح الكهنوت" تشير إلى سلطة الكنسية الموهوبة من قبل الله"؛ وتشير "حفظ المراسيم" إلى العمل المقدس الخاص بالخلاص، مثل معمودية؛ ويشير "البعث" إلى الممارسة أو الفعل المعطوب مع مرور الوقت والموحى به مرة أخرى بطهارة من الله إلى نبي لاحق.

17 مكونكي، بروس آر، كتاب المورمون، بوكرافت، سالت ليك سيتي، يوتا، 1966، ص. 605.

18 تم العثور على قاموس الإنجيل الخاص بكنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة في طبعة الإنجيل للملك جيمس والتي قامت الكنيسة بنسره كأحد الكتب المقدسة الخاصة بكنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة.

19 المؤتمر السنوي الواحد والتسعون لكنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة، سالت ليك سيتي، 1921، ص. 32، 33.

http://en.wikipedia.org/wiki/Pre-Islamic_Arabia 20

http://en.wikipedia.org/wiki/Kaaba 21

http://en.wikipedia.org/wiki/Allah 22

http://en.wikipedia.org/wiki/Muhammad 23

24 عبد الرحمن عزام، حياة النبي محمد، المؤسسة الإسلامية، المملكة المتحدة، 1987، ص. 8

25 المرجع نفسه، ص. 9

26 المرجع نفسه، ص. 9

27 ان جي داوود، ترجمة. القرآن، بنغوين، المملكة المتحدة، 1986، ص. 9، 10

28 عزام، المرجع السابق، ص. 10

http://en.wikipedia.org/wiki/Death_of_Joseph_Smith 29

30 المرجع نفسه، ص. 24

31 المرجع نفسه، ص. 20

32 جوزف سميث، الإنجيل، كتاب ديزرت، سالت ليك سيتي، يوتا، 1939، ص. 1