Chapter 1

الفصل الأول

جسور الإيمان

في السنوات الأخيرة، قام العديد من أعضاء كنيسة يسوع المسيح بالتواصل مع المسلمين (أتباع الإسلام) في جميع أنحاء العالم. ففي ست دول شرق أوسطية وفي الدول ذات الأغلبية الإسلامية التي مكثت فيها خلال العقود القليلة الماضية، كان هناك العديد من فروع وأقسام الكنسية الخاصة بنا موجودة في عدة مئات من الأعضاء القاطنين بين جيرانهم المسلمين، وهؤلاء الأعضاء كان لديهم فرصة ثرية لكونهم في تلك الدول الإسلامية وكانوا قادرين على رؤية وفهم ما هو الإسلام حقاً، وما هي التعاليم الخاصة به وكيف يعيش المسلمون في حياتهم اليومية. وكان لدينا الفرصة على تقاسم هذا المنظور الفريد مع العائلة والأصدقاء حين العودة الى ثقافتنا والبلدان الخاصة بنا.

وللأسف، فإن أحداث الحادي عشر من سبتمبر المأساوية والتقارير الإخبارية المستمرة عن أنشطة هذه المنظمات الحالية مثل تنظيم القاعدة وتنظيم داعش أدت الى خلق مخاوف بأن لم يتم فعل الكثير من أجل تعزيز الصورة الإيجابية للإسلام وزيادة فهم التعاليم الحقيقية بين أولئك الأقل اطلاعاً. ومن خلال التركيز فقط على الدعاية التي تروج لها المجموعات الإرهابية، فإن كثير من الناس يعتقدون خطأ أن الإسلام عبارة عن أيديولوجية متطرفة فقط مليئة بالأتباع غير المتسامحين المغسولة أدمغتهم الذين هم على استعداد ليموتوا في هجمات انتحارية ضد ضحايا أبرياء من أجل الدفاع عن قضاياهم. وهذه الصورة النمطية التي تقودها وسائل الإعلام بعيده عن الحقيقة.

واليوم، فإن ما يقارب من خمس سكان العالم ينتمون الى الدين الإسلامي، هذه واحدة، وهناك نصف مليار شخص موجودين في كل دولة من دول العالم، يتحدثون لغات مختلفة ويأتون من مجموعة واسعة من الخلفيات العرقية. في حين أن معظم الناس يعنون ضمنا بأن الإسلام مع الدول والثقافة العربية، فإن أغلبية المسلمين ليسوا عرب بأكثر من مليار مسلم في جنوب وجنوب شرق آسيا وذلك بنسبة أعلى سكان موجودة في إندونيسيا، والهند، وبنجلاديش وباكستان.1 وفي الولايات المتحدة وحدها، يوجد أكثر من خمسة ملايين مسلم، كما هو واضح من خلال العدد المتزايد للمساجد الموجودة في أغلب المدن الكبرى.

ويُعد الإسلام دين عالمي ويعتبر أكثر الأديان انتشارا بين جميع الأديان الرئيسية في جميع أنحاء العالم.2 وبسبب ضخامة عدد المنتمين للإسلام، فإنه يوجد بالطبع مجموعات من المنشقين الذي سحبوا أنفسهم بعيدا عن الطريق الصحيح من أجل أن يتبعوا التفسير المتطرف المجرد لتعاليم الإسلام. ولسوء الحظ، يوجد من بين هذه الفصائل ما يتلقى أعلى نسبة تعرض للجمهور بسبب أفعالهم الإرهابية الوحشية التي من خلالها يقوم هؤلاء بالإفصاح عن إساءة استخدامهم الراديكالية للمذاهب الإسلامية من أجل تحقيق الأهداف السياسية الخاصة بهم. ولكن لكي نفترض ذلك، فإن الذين يتبعون هذه المعتقدات والأفعال أقرب ما يكونوا الى الاعتقاد في وجهات النظر الخاطئة المنتشرة بدرجة كبيرة حول كنسية مورمون قديسي الأيام الأخيرة بأنهاعنصرية ضد السود، وتتمسك بتعدد الزواج اليوم، وأن كل شخص من يوتا لديه على الأقل زوجتين.

ولم تكن هذه التعميمات الإجمالية تستند الى أفعال المجموعات الانشقاقية من ممثلي الديانتين الخاصين بنا الذين هم ممثلين للمذاهب الأساسية التي أرست تلك التعميمات. ويُعد مصدر إحباط كبير أن يُحكم على جميع الأديان هو ما تقوم به الجماعات المنشقة. وحقيقة أن هذه المجموعات بعيده جدا عن الحقائق الأساسية و هو الأمر الذي يلفت انتباه العامة لهم في المقام الأول بسبب الأفعال التي يقومون بها عادة والتي تسبب مشاكل كبيرة داخل المجتمع الذي يحتكر عناوين الصحف في الإعلام اليومي. ومما يؤسف له، فإنه من السهل جدا للجمهور الساذج الاعتقاد بأن بعض التعميم المتسرع لمثل هذه الأفعال الشاذة تأخذ وقتا لتوضيح الحقيقة لأنفسهم.

وتتسبب هذه المواقف والسلوكيات الناتجة تجاه المسلمين والمورمون التي تسببها هذه الصور النمطية في خلق التعصب والشك على أقل تقدير أو الاضطهاد أو التحيز ضدنا. ومن ضمن أكثر الأشياء حزنا في هذا العالم حينما يقوم الناس عن طريق الخطأ بالحكم أو بإدانة المعتقدات الدينية لدين آخر أكثر من الدين الذين ينتمون اليه وذلك بسبب أنهم لا يهتمون بالنظر في الماضي لتلك الأشياء كالتقارير الإعلامية أو الحواجز الثقافية واللغوية من أجل الكشف عن أوجه التشابه التي توجد بين جميع الأديان. ويمكن القضاء على عديد من " الحروب المقدسة" الحادثة في العالم إذا ما كان بإمكان الناس تنبي موقف يتسم بالاحترام ورحابة صدر تجاه مبادئ مماثلة وهبها الله والتي يعيش أغلبنا من خلالها.

وعن طريق إزالة الغمامات والسعي لوجود قواسم مشتركة للدين بيننا، نستطيع أن نبني جسور الإيمان بدلا من حواجز النزاع. وفي الوقت الحالي، تم كتابة الكثير من الكتب وتم نشر العديد من المقالات التي تحدد حدود المعركة المتعارف عليها الى أبعد من ذلك باسم التحليل المقارن. ومن خلال التعريف، فإن معنى المقارنة هو أن ننظر الى موضوعين من أجل النظر في أوجه التشابه بينهما، وعدم التركيز على الاختلافات التي قد تأتي تحت عنوان البحث المقارن بدلا من ذلك.

وبوضوح، يوجد متغيرات بشأن العديد من النقاط المذهبية وتفسيرات الكتابات المقدسة. إذا لم كذلك، لن يكون هناك حاجة الى التقسيم الى أديان مختلفة للبدء. وتكمن النقطة الهامة التي يتعين علينا التعرف عليها في البحث الفردي الخاص بنا بشأن حقيقة الدين من وجهة النظر الإلهية، هي أننا جميعا متساوون. حيث أن رؤية الله وحبه لنا جميعا كأولاده يسمح لنا بوجود كل الفرق العقائدية، وكذلك كل تعبير ثقافي وكل لهجة لغوية بأن الإنسان قد يقوم بالتوظيف من أجل إيجاد الطريق الخاص بهم للوصول الى الله. ولسنا نحن في موضع الحكم على إيمان الآخرين. ولكن من واجب كل منا العيش في هذا العالم في سلام، بغض النظر عن الاختلافاتالأيدولوجية التي قد توجد بيننا.

كتب جوزيف سميث نبي المورمون " بينما جزء من العنصر البشري يقوم بالحكم على ونقد الآخر بدون رحمة، فإن الوالد العظيم للعالم ينظر على العائلة الإنسانية بمجملها بعناية أبوية وباهتمام أبوي، وهو ينظر إليهم باعتبارهم ذريته، وبدون أي مشاعر منقبضة تؤثر على بني البشر، وأسباب ذلك " بأن شمس الإله تضئ لكل من الشر والخير، ويقوم الإله بإنزال المطر على العادل والظالم. " ويتحكم الإله في زمام الأمور في يديه، وهو أيضا المشرع الحكيم، وسوف يقوم بالفصل بين الجميع، وليس وفقا للأفكار الضيقة للبشر، ولكن " وفقا للأعمال المنجزة الطيبة والشريرة، أو إذا ما كانت هذه الأفعال تم القيام بها في إنجلترا، أو الولايات المتحدة، أو اسبانيا، أو تركيا أو الهند، فسوف يقوم الإله بمحاسبتهم، وذلك ليس وفقا لما لم يمتلكونه ولكن وفقا لما لديهم، وأولئك الذين لم يعيشوا بدون القانون، سوف يتم محاسبتهم بدون القانون، ولكن أولئك الذين لديهم القانون، سوف تتم محاسبتهم من قبل ذلك القانون. إننا لسنا في حاجة للشك في حكمة وذكاء الرب العظيم، فسوف يقوم الرب العظيم في إصدار الحكم أو الرحمة لجميع الشعوب وفقا لخلفيتهم، ووسائل اكتساب الذكاء، والقوانين التي تتم محاسبتهم من خلالها، والتسهيلات الممنوحة لهم للحصول على المعلومات الصحيحة، والأهداف الغامضة التي تتعلق بالأسرة البشرية، ومتي يتعين توضيح الأهداف الإلهية، وسحب ستارة المنفعة، ويتعين على كل منا في النهاية الاعتراف بأن قاضي الأرض لديه الطريق الصحيح"3.

كإخوة وأخوات ينتمون الى هذه العائلة البشرية الكبيرة، وذرية الله، ولا يمكننا السماح لأنفسنا القيام بدور القاضي أو هيئة المحلفين تجاه بعضنا البعض سواء بالقول أو الفعل، فهذا يعتبر أمر خاص بالله وحده. وقد ناشدت الرئاسة الأولى4 لكنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة " جميع الناس في كل مكان بإلزام أنفسهم بالمُثُل العريقة للتسامح والاحترام المتبادل. ونحن نؤمن إيمانا صادقا بأننا ننظر الى بعضنا البعض بإيلاء النظر والرحمة، فسوف نكتشف نحن بأنه يمكننا التعايش معاً في سلام على الرغم من الخلافات العميقة التي بيننا"5 وقد صرح أحد أكبر الرسل مؤخراً بأن " لا ينبغي انتقاد، أو اضطهاد أو مهاجمة أي فرد من قبل فرد آخر، أو من قبل الحكومات، سواء بسبب الإيمان الذي يؤمنون به، وتصرح المادة الحادية عشرة من بنود الإيمان " ندعي امتياز عبادة الله تعالى وفقا لما يمليه الضمير منطقتنا، والسماح لجميع الرجال نفس الامتياز، والسماح لهم العبادة كيف وأين، أو ما يمكن"6.

وكأعضاء في الكنيسة، فقد دعانا ذلك أيضا الى " السعي لتحقيق الحقيقة معا. ونحن نسعى الى توسيع دائرة الحب والتفاهم بين جميع الناس على الأرض. ولذلك، فنحن نسعى جاهدين الى تحقيق السلام والسعادة، ليس فقط في المسيحية ولكن بين جميع البشر"7. وقد أضاف جوردون بي هينكلي، النبي السابق ورئيس الكنيسة بأن من خلال البحث عن نقاط القوة والفضائل في الديانات الأخرى التي تكون مشابهه للمعتقدات الفردية الخاصة بنا، يمكننا الزيادة في " روح الامتنان الإيجابية". ومن خلال التعرف على هذه المبادئ القويمة المشتركة، يمكننا إضافة مزيد من الأبعاد الروحانية الى حياتنا اليومية. ويتعين علينا " إظهار احترام آراء ومشاعر الناس الآخرين، والاعتراف بالفضائل الخاصة بهم، وعدم البحث عن أخطائهم، والبحث عن مواطن قوتهم والفضائل الخاصة بهم، وسوف تجدون مواطن القوة والفضائل التي سوف تكون مساعدة في حياتكم"8. 

يتناول نص الكتاب المقدس موقف مماثل للموافقة اللازمة فيما بين القديسين المسيحيين الذين نقلوا من خلفيات دينية وثقافية متباينة. وفي كتاب أهل كولوسي، ينصح الرسول بول بالتخلي عن تلك الاختلافات السابقة التي أدت في الماضي إلى انفصال والخلاف بين الأتباع. "حَيْثُ لَيْسَ يُونَانِيٌّ وَيَهُودِيٌّ، خِتَانٌ وَغُرْلَةٌ، بَرْبَرِيٌّ سِكِّيثِيٌّ، عَبْدٌ حُرٌّ، بَلِ الْمَسِيحُ الْكُلُّ وَفِي الْكُلِّ. َالْبَسُوا كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ أَحْشَاءَ رَأْفَاتٍ، وَلُطْفًا، وَتَوَاضُعًا، وَوَدَاعَةً، وَطُولَ أَنَاةٍ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَمُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا إِنْ كَانَ لأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ شَكْوَى. كَمَا غَفَرَ لَكُمُ الْمَسِيحُ هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا. وَعَلَى جَمِيعِ هذِهِ الْبَسُوا الْمَحَبَّةَ الَّتِي هِيَ رِبَاطُ الْكَمَالِ. (الإنجيل، أهل كولوسي 3: 11 – 14)

ويحث القرآن الكريم، وهو الكتاب المقدس بالنسبة للمسلمين، "مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (سورة 30: 32)؛ "وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ\… وَما تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ". (سورة 42: 10، 14)

هذا هو موقف "الاغتباط" للسمو الديني الخطر للغاية على علاقات الكفاح للجماعات الدينية. حيث إن اعتقاد كل مجموعة بأن إيمانهم هو الإيمان الوحيد أن الله سيعترف في اليوم الأخير. ويذكر جوزيف ستيف أن "أحد المبادئ الأساسية الكبرى للمورمونية هي الحصول على الحقيقة، والسماح باستقبالها من أي مكان قد تأتي منه". كما يحث القديس على "جمع كافة المبادئ الجيدة والحقيقية في العالم والاحتفاظ بها"9.

 ويتمسك الإسلام كذلك بالنقطة نفسها كما ورد في حديث النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) أن "الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ المُؤْمِنِ فَحَيْثُ وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا"10. وعندما يقضي كلاً منا بعض الوقت لدراسة "المبادئ الجيدة والحقيقية" هذه الموجودة في جميع الأديان الأخرى، فإننا لا نزيد بهذا من مستوى معرفتنا وفهمنا لهذا التعليم، ولكن الأهم من ذلك، فإننا نكتسب احترام ونُزيد من المحبة لأولئك الذين يؤمنون بهذه الحقائق من خلال وسيلة إيمان مختلفة.

وبالنسبة لأعضاء كنيسة اليسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة، يمكننا بدورنا مشاركة الآخرين شهادتنا لحقيقة المبادئ نفسها التي تم الكشف عنها من خلال أنبيائنا العصريين وأولئك المؤمنون لكتاب المورمون. سواء كانت الوصية "لا يكن لك آلهة أخرى أمامي"11 مكتوبة في الإنجيل، أو كتاب مورمون، أو القرآن الكريم، فإنها الحقيقة الأبدية نفسها. حيث إنها لا تقلل من إيمان أي شخص بوصايا أو آيات الله عند قراءتها في كتاب آخر من الكتب المقدسة. وفي الواقع، إنها تقوي جميع شهادتنا من خلال الإدراك بأن هذه الشهادات الإضافية قد كتبت وسجلت الحقائق نفسها من الله في زمان آخر من خلال رسل آخرين.

وتناول البروفيسور جيمس مايفيلد، في كتاب راية 1979 بشأن الإسلام، هذه النقطة بشأن المشاركة المتبادلة لمعتقداتنا المشتركة وخاصةً مع المسلمين. واقترح "أن القراءة المتأنية للقرآن الكريم قد يقدم في واقع المر رؤى ومؤشرات، حتى الإشارات المحددة من كتابهم المقدس، حول أفضل الطرق لتوصيل رسالتنا. وأن فهم الدين الإسلامي سيقدم لغة مشتركة لمشاركة الرؤى والقيم الروحية... وسيكون هناك تواصل كبير بين العرب وقديسي الأيام الأخيرة؛ ولكن سيزيد التفاهم والاحترام المتبادل ببطء بشكل يثير الإحباط حتى يتم الاعتراف بالجمال والأساس الديني التي بُنيت عليها الحضارة العربية، أن مفاهيم العدالة، والنقاء، والتقدم البشري هي جزء لا يتجزأ من كلاً من الإسلام والإنجيل، وأن إدراك أوجه التشابه – وليس الاختلافات فقط – هو مفتاح قبول وتقدير ما لدينا لتقديمه"12.

ولتحقيق غاية الحث على الاحترام والقبول المتبادل هذه بين أدياننا التي تعرضها الفصول التالية. حيث قد يرى بعض القارئين لهذا الكتاب أنه محاولة للتخلي عن الاعتقادات المنفصلة إلى حد القول أن المورمونية والإسلام هما نفس العقيدة، وأن الاختلافات بيننا ضئيلة للغاية مثل التي تفرق بين الطوائف الشقيقة من نفس الدين. كما قد يكون هناك بعض الانتقادات من جانب المورمونيين وأن هذا الكتاب مناصر للإسلام وأنه غير كافياً لوجهات نظرنا العقائدية المختلفة، أو من جانب المسلمين أنه ليس هناك نص كاف مقدَّم لوجهة نظرهم.

إن القصد من هذا ليس لنقل أحد الأطراف إلى القبول التام لعقيدة الطرف الآخر كأنها عقيدتهم الخاصة وليس لتسليط الضوء أو التغاضي عن الاختلافات الموجودة بالفعل بيننا. ولحسن الحظ، لدى كلاً منا حقاً منحه الله لنا للإيمان بأن ديننا يعلمنا المبادئ الأكثر صدقاً وصحة على وجه الأرض. وبدلاً من ذلك، من المأمول أن يكون هناك جسراً، عن طريق قراءة وتعلم الحقائق المشتركة، من التفاهم قائم بين المورمونيين والمسلمين الذي يسمح بالتفاعلات، والحوارات، والمناقشات الإيجابية بيننا في المستقبل وأن يكون هناك احترام ناتج من هذه المبادئ المشتركة للصالحين التي بإمكانها أن تبدد الغيوم النمطية التي تحاربها جميع الأديان.

في فبراير 2000، اجتمع دبلوماسيون من البلدان العربية في الأمم المتحدة بنيويورك لتقديم نسخ عن إصدارات إنجليزية مترجمة حديثاً لاثنين من الكلاسيكيات الأدبية الإسلامية من جامعة بريغهام يونغ. وأعرب أحد رسلنا الاثني عشر، الأب نيل أيه ماكسويل، ممثلاً كنيسة اليسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة وجهة النظر الدقيقة هذه "فيما بين المورمين والمسلمين، هناك العديد من النقاط المؤثرة، ونود أن نرى تلك النقاط المؤثرة تصبح جسوراً من التفاهم"13.

وقد استخدم هذا التشبيه من بناء جسراً منذ حوالي عشرون عاماً في وقت سابق في حديثقدمه رسول آخر، الأب هوارد دابليو هنتر، إلى طلاب جامعة بريغهام يونغ في بروفو، يوتا. حيث صرح الأب هنتر أن "باعتبارهم أفراد كنيسة الرب، إننا بحاجة إلى الارتقاء برؤيتنا فوق الأفكار المسبقة الشخصية. وإننا بحاجة إلى اكتشاف أنه في الواقع أن أبانا في السماوات لا يحابي الوجوه ... أن للكنيسة مصلحة في كل نسل إبراهيم، وعلينا أن نتذكر بأن تاريخ العرب يعود إلى إبراهيم من خلال ابنه اسماعيل ... كما قد أخبرني أحد أعضاء مجلس الوزراء بمصر في أحد المرات أنه إذا كان لا بد من بناء جسراً بين مسيحي ومسلم، فلا بد أن تبنيه الكنيسة المورمونية. وفي الاستفسار عن سبب هذه المقولة كنت مبهوراً بمدى أوجه التشابه والروابط المشتركة للأخوة"14.

ولا يمكن إلا عن طريق البحث عن هذه الروابط وفهمها بناء أي جسر بيننا. في عالمنا اليوم، لسنا بحاجة إلى إيجاد المزيد من الأسباب للرفض ومقاتلة بعضنا الآخر. وسيتأكد الشيطان أن الروح العداء ستتأخذ مكاناً بارزاً في مجتمعاتنا. وبدلاً من ذلك، ينبغي علينا أن نركز على المناطق التي من شأنها أن تؤسس وحدة الأفعال الصالحة والإيمان بيننا "وَلكِنَّنِي أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَنْ تَقُولُوا جَمِيعُكُمْ قَوْلاً وَاحِدًا، وَلاَ يَكُونَ بَيْنَكُمُ انْشِقَاقَاتٌ، بَلْ كُونُوا كَامِلِينَ فِي فِكْرٍ وَاحِدٍ وَرَأْيٍ وَاحِدٍ" الإنجيل I أهل كورنثوس 1: 10).

وفي المقابل، سنحصل كذلك على وجهة نظر أكثر تسامحاً وقبولاً للاختلافات الثقافية التي تعد ليست كل ما يهم عندما يُنظر إليها بنظرة روحية في الألفية القادمة عندما نكون حينها نعيش جنباً إلى جنب في سلام. وإذا اضطررنا لأن نعيش كوحدة واحدة في عهد المسيح، يجب أن قادرين على التغلب على أي مواقف أو اختلافات التي من شأنها أن تفرّقنا عن بعضنا البعض وتسبب النزاعات والانشقاقات. كما يجب أن تكون لنا القدرة على العيش مثلما فعل قوم نافي15 في كتاب مورمون بعد زيارة يسوع المسيح إليهم. فقد تخلوا عن جميع اختلافاتهم، وادعاءاتهم، ومنازعاتهم وقاموا بكل ما هو مشترك بينهم "بسبب محبة الله التي تسكن في قلوب الناس" (كتاب المورمون، سفر نافي الرابع 2 و3 و15) ولا يمكن تحقيق هذا إلا إذا فتحنا قلوبنا بصدق بعيداً عن أحكامنا، أو آرائنا، أو اتجاهاتنا الثقافية وأن نترك الخير يسكن في داخلنا تجاه جميع البشرية16. عندها فقط سيملؤنا "رابطة المحبة، وهو رباط الكمال والسلام". (كتاب المبادئ والعهود 88: 125)

[1]

1http://en.wikipedia.org/wiki/Islam_by_country و http://www.pewforum.org/2011/01/27/table-muslim-population-by-country/

2http://www.pewforum.org/2015/04/02/religious-projections-2010-2050/

3 جوزيف سميث فيلدينغ. تعاليم النبي جوزيف سميث، 1976، صفحة 218.

4 الرئاسة الأولى هي قيادة كنيسة اليسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة التي تتألف من نبي واحد واثنين من المستشارين.

5راسل نيلسون ام "تيتش أس تورانس آند لاف"، لراية، مايو 1994، ص. 71. والراية هي مجلة شهرية لكنيسة اليسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة.https://www.lds.org/general-conference/1994/04/teach-us-tolerance-and-love?lang=hrv&clang=eng

6 روبرت هيلز دي "بريزيرفنغ اجنسي، بروتكتنغ ريليجس فريدم"، الراية، مايو 2015. .https://www.lds.org/general-conference/2015/04/preserving-agency-protecting-religious-freedom?lang=eng

7هوارد هنتر دابليو "الإنجيل – الإيمان العالمي"، الراية، نوفمبر 1991، ص. 18 .https://www.lds.org/general-conference/1991/10/the-gospel-a-global-faith?lang=eng

8 شيري ديو ال "جو فوروارد ويز فايث" سيرة جوردون بي هينكلي، كتاب ديزرت، سالت ليك سيتي، يوتا، 1996، ص. 536، و576.

9 سميث، ص. 313، 316.

10 حديث، سنن الترمذي، كتاب المعرفة، رقم 2687، ضعيف.

11 قارن الكتاب المقدس، سفر 20: 3، سورة 17: 22، كتاب المورمون، سفر موصايا، 12: 35.

12 جيمس مايفيلد "إسماعيل، أخونا"، الراية، يونيو 1979، ص. 30، و32. .https://www.lds.org/ensign/1979/06/ishmael-our-brother?lang=eng

13 ديزيرت نيوز، 11 فبراير 2000، ,http://www.deseretnews.com/article/743209/Diplomats-hail-Ys-Islamic-translations.html?pg=all

14 هوارد هنتر دابليو "كلنا سواسية أمام الله"، الراية، يونيو 1979، .https://www.lds.org/ensign/1979/06/all-are-alike-unto-god?lang=eng

15النافيين هم جماعة من الناس سافروا من القدس إلى الأمريكتين عام 600 قبل الميلاد ويُعتقد بأنهم أسلاف مجموعات مختلفة من الهنود الأمريكيين. وتبدأ قصة رحلتهم بكتاب المورمون. ويشمل الكتاب لاحقاً قصة زيارة اليسوع المسيح إليهم عام 34 قبل الميلاد بعد صعوده إلى السماء.

16 المبادئ والعهود 121: 45